العرب والعالم

هل تحولت حكومة نواف سلام إلى حكومة سلاح دون اصلاح؟؟؟

هل تحولت حكومة نواف سلام إلى حكومة سلاح دون اصلاح؟

كتب رئيس تحرير موقع الثائر اكرم كمال سريوي

علّق اللبنانيون آمال كثيرة على حكومة الرئيس نواف سلام، وهي حكومة العهد الأولى. هذا العهد الذي جاء نتيجة أحداث ومتغيرات كبيرة، عصفت بلبنان والمنطقة والعالم.

وعود كبيرة وكثيرة قدمها الرئيس نواف سلام، وتحولت مسألة نزع السلاح غير الشرعي وبسط سلطة الدولة، إلى شبه لازمة افتتاحية في كل خطاباته واطلالاته الاعلامية.

ومن غير الواضح ما اذا كان الرئيس نواف سلام، يريد بذلك توجيه رسائل طمأنة إلى الدول التي تضغط على لبنان لنزع سلاح المقاومة، أم هي محاولة منه لكسب شعبية في الشارع اللبناني وركوب موجة الفريق الداعي لنزع سلاح الحزب، أم هو فعلاً مقتنع بسهولة تحقيق هذا الوعد دون حوار وطني، سيكون صعباً، مع حزب الله الذي يربط المسألة بتحرير الاراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الاعتداءات الاسرائيلية، قبل تسليم السلاح!!!.

بعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان، فُتح ملف آخر يوازي بأهميته مسألة سلاح حزب الله، ويتقدم عليه كأولوية من الناحية الوطنية، لكن اتضحت أيضاً صعوبة نزع السلاح الفلسطيني من كل المخيمات، التي باتت تُشكّل جُزراً أمنية خارجة عن سلطة الدولة اللبنانية، وهي كذلك منذ العام 1969.

قبل هذا التاريخ كانت الدولة تتولى الأمن داخل المخيمات الفلسطينية، لكن في أيلول من ذاك العام، اوقف الجيش بناء مكتب لحركة فتح في شمال لبنان، فانتفض الفلسطينيون، ودخلت عناصر فلسطينية مسلحة من الحدود السورية، وهاجموا مراكز قوى الامن اللبنانية، واحتلوا 76 مركزاً.

عمّت المظاهرات مدن عربية عديدة نددت بموقف لبنان، وتدخّل على أثر ذلك الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وتم بعدها توقيع اتفاق القاهرة، الذي سمح للفلسطينيين بالعمل المسلح ضد إسرائيل من داخل الأراضي اللبنانية الجنوبية، وتحديداً في منطقة العرقوب والقطاع الأوسط، وتم سحب مخافر الدولة اللبنانية من داخل المخيمات.

شكّل هذا الاتفاق ضربة لهيبة الدولة اللبنانية، وشرّع وجود السلاح الفلسطيني، واعتبرته إسرائيل خرقا لاتفاق الهدنة الموقّع مع لبنان، رغم أن إسرائيل كانت قد خرقت هذه الهدنة، في كانون الاول 1968، عندما هاجمت مطار بيروت، ودمرت 13 طائرة مدنية.

لم يتقيد الفلسطينيون ببنود الاتفاق، وتمددوا من الجنوب على كامل الأراضي اللبنانية، خاصة في بيروت والبقاع، مما تسبب لاحقاً باندلاع الحرب الأهلية في لبنان، التي كانت شرارتها الأولى الاشتباك الذي حصل بين الفلسطينيين والكتائب في عين الرمانة.

أدخل اتفاق 1969 لبنان بشكل مباشر في الصراع العربي الاسرائيلي، وحوّله إلى دولة مواجهة، دون أن يكون مستعداً لذلك.

والمسؤولية عن هذا الاتفاق، يتحملها اللبنانيون وخاصة العماد إميل البستاني، الذي كان يومها قائداً للجيش، وكان يسعى لاسترضاء العرب واليسار اللبناني للوصول إلى رئاسة الجمهورية، مع العلم أن رشيد كرامة، الذي كان رئيسًا للجمهورية يومها، رفض الذهاب إلى القاهرة بعد أن اطلع على نص الاتفاق، فأصر البستاني على الذهاب وترأس الوفد، ونُقل عن جمال عبد الناصر القول ” تعجبت من سرعة توقيع العماد بستاني على الاتفاق، دون أن يستمهل لقراءة بنوده”.

وفي عام 1978 اجتاحت إسرائيل الشريط الحدودي، بحجة حماية مستوطنات الشمال، وفي حزيران 1982 وسعت اجتياحها حتى وصلت الى العاصمة بيروت، وأخرجت منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان.

وفي 21 ايار عام 1987 أقرّ البرلمان اللبناني قانون إلغاء اتفاق القاهرة، ووقّعه لاحقاً رئيس الحكومة سليم الحص، ورئيس الجمهورية آنذاك أمين الجميل.

وبعد هذا التاريخ أصبح السلاح الفلسطيني في لبنان غير شرعي، لكنه استمر حتى بعد اتفاق الطائف، بغطاء من القوات السورية التي كانت موجودة في لبنان.

لقد سحب الرئيس محمود عباس اليوم الغطاء عن السلاح الفلسطيني في لبنان، وهذا يُعطي كل الحق للدولة اللبنانية بسحب سلاح المخيمات، وإعادة بسط سلطتها داخل المخيمات، فهذا من أهم مظاهر سيادة الدولة على أراضيها، خاصة أن هذا السلاح فقد وظيفته في مواجهة إسرائيل، وبات يشكّل خطراً على أمن المخيمات وأمن لبنان.

لكن المشكلة على ما يبدو أصطدمت بوجود عدة فصائل فلسطينية داخل المخيمات، لا تتلقى أوامرها من الرئيس عباس، وترفض تسليم السلاح وعودة قوى الشرعية اللبنانية إلى داخل المخيمات.

لا يرغب لبنان بأن ينجر إلى حرب مخيمات، لكن في المقابل على الفلسطينيين القبول باحترام القانون اللبناني والتخلي عن السلاح، لأن لبنان ملزم بتطبيق دستوره واتفاق الطائف، وكذلك القرارات الدولية التي تنص على نزع السلاح غير الشرعي، ولا يستطيع لبنان أن يسمح ببقاء جزر أمنية خارجة عن سيطرته داخل أراضيه.

بقي أقل من سنة من عمر الحكومة، قبل أن تتحول إلى حكومة تصريف أعمال، بعد الانتخابات النيابية المقبلة، وهي حتى الآن لم تُنجز سوى القليل، فلا خطة لدى الحكومة لاعادة الاعمار، ولا وقف للاعتداءات الاسرائيلية المتمادية كل يوم، ولا انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة، ولا خطة اقتصادية ولا مالية، ولا شيء ملموس على أرض الواقع سوى الخطابات الرنانة.

وحتى القطاع العام ما زال يترنح دون عودة إلى انتظام عمل وسير المؤسسات، والزيادة الهزيلة على رواتب الموظفين، التي ترافقت مع ضريبة على المحروقات، أقل مما كانت تقدمه حكومة تصريف الاعمال السابقة، ولا يمكن اعتبارها خطوة إصلاحية، لعودة انتظام القطاع العام وتفعيل مؤسسات الدولة.

فلا البنوك عادت للعمل، ولا خطة لحل مسألة الودائع التي تُشكّل المدخل الرئيسي لعودة نشاط القطاع المصرفي، ولا يوجد أما بوصول مساعدات مهمة للبنان، أو استثمارات كبيرة، فكل شيء مؤجل، ولا حديث للدول مع لبنان، سوى الضغط على الحكومة لسحب سلاح حزب الله، الأمر الذي حتى لو نفذه لبنان، لا يوجد أي ضمانة؛ لا بتحرير الأرض، ولا بوقف العدوان، ولا باعادة الاعمار، ولا بمساعدات.

اذا كانت حكومة الرئيس سلام تعتبر أن تعيين بعض الموظفين في إدارات الدولة، التي وللمناسبة لم تخرج عن إطار المحاصصات القديمة الجديدة، أو إنارة طريق المطار، أو منع وصول الطائرات الإيرانية إلى لبنان، والخطابات عن حصرية السلاح، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها (دون ذكر الاحتلال)، هو إنجاز، فهذه مصيبة كبرى.

فكما يقول الفيلسوف الكبير الغزالي ” لا يمكننا الحكم على المبادئ النظرية، فالحكم الصحيح يكون على السلوك والأعمال والنتائج”

لقد أطنبت هذه الحكومة بالشعارات والخطابات، والوقت يمر سريعاً وثقيلاً على اللبنانيين، وباتوا يخشون أن تكون كل انجازات هذه الحكومة مجرد شعارات غير قابلة للتحقيق، وتقتصر على أعمال إجرائية بسيطة، كإجراء انتخابات، أو تعيين بعض الموظفين، أو فرض بعض الرسوم والضرائب الجديدة.

قد ينقضي العام ولبنان على قارعة الانتظار، ليدخل مجدداً إلى ساحات بطولات القوى والاحزاب السياسية، وانجازاتها العظيمة، في الحصول على مقعد وزاري، أو مقعد نيابي في هذه المنطقة أو تلك، كما شاهدنا انجازاتهم وبطولاتهم في تحقيق النصر المعظّم على العدو، بالفوز برئاسة بلدية هنا ومقعد اختياري هناك.

ظهرت المقالة هل تحولت حكومة نواف سلام إلى حكومة سلاح دون اصلاح؟؟؟ أولاً على تلفزيون برافدا.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :pravdatv.org
بتاريخ:2025-05-31 16:08:00
الكاتب:قسم التحرير
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى