محلي

موقع المنار الإلكتروني… منبر رقمي للمقاومة وصوت الميدان

تأسس موقع قناة المنار الإلكتروني كمنصة إخبارية رقمية تابعة لقناة المنار الفضائية، في خطوة استباقية تواكب التحولات التكنولوجية المتسارعة في قطاع الإعلام الرقمي. وقد أُطلق الموقع في أواخر تسعينيات القرن الماضي، ليشكّل واجهة إلكترونية حديثة تنقل الصوت والصورة إلى جمهور واسع داخل لبنان وخارجه، وتوفر تغطية متواصلة للأحداث السياسية والأمنية والاجتماعية في لبنان والمنطقة.

ومنذ انطلاقته، لعب الموقع دورًا محوريًا في بلورة هوية رقمية متكاملة للقناة، حيث شكّل امتدادًا طبيعيًا للبث التلفزيوني عبر الفضاء الإلكتروني. ولم يكن حضوره الرقمي ترفًا إعلاميًا، بل جاء كخيار استراتيجي فرضته التحولات الجذرية في أنماط استهلاك المحتوى الإعلامي.

وقد انطلق الموقع فعليًا عام 1997، بقدرات تقنية متواضعة نسبيًا، إلا أنه كان غنيًا في رسالته ومضمونه، بحسب ما يؤكده مدير الفريق التقني في موقع المنار، الزميل وائل بدير، الذي أشار إلى أن المنصة وُلدت في وقت كان فيه “الدوت كوم” يُعد ترفًا، وكان هدفها إيصال الكلمة الصادقة، ونقل نبض المقاومة، وفتح نافذة إعلامية مستقلّة.

التحول الرقمي والتحديثات التقنية

ومع مرور الوقت، خضع الموقع لمحطات تطوير متعاقبة شملت الجوانب التقنية والمضمونية، حيث انتقل من كونه منصة بسيطة تعرض العناوين والنشرات إلى موقع متكامل يضم أرشيفًا مرئيًا واسعًا، ويحتوي على أقسام متخصصة في السياسة، والمقاومة، والدين، والاقتصاد، والثقافة، والشؤون الدولية. وقد جرى إعادة تصميم واجهته بشكل تدريجي ليتلاءم مع متطلبات المستخدم المعاصر، مع دمج تقنيات البث الحي، والتفاعل الرقمي عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي.

وفي هذا السياق، شهد الموقع مراحل تحديث بارزة؛ ففي عام 2001، تم تنفيذ أول تطوير تقني شامل على مستوى البنية التحتية لتوسيع القدرة على النشر وتسريع تحديث المحتوى. وفي العام التالي، أُضيفت واجهة تفاعلية مع إدخال عناصر الوسائط المتعددة من صور وصوت. أما في عام 2005، فقد أُطلق الموقع بحلّة جديدة تتناسب مع حجم التغطيات المباشرة وتعدد اللغات، فيما شهد عام 2011 انتقالًا نوعيًا إلى تصميم مرن يتوافق مع الأجهزة الذكية.

وفي عام 2016، تم إدخال بنية تحتية متقدمة مع نظام إدارة محتوى خاص ومزايا أمان عالية. وتُوّج هذا المسار في عام 2025 بإطلاق النسخة الأحدث بتصميم عصري وتجربة مستخدم ذكية، تؤسس لعصر جديد من الصحافة الرقمية في “المنار”.

وبالتوازي مع ذلك، عزّز الموقع حضوره كمرجع تحليلي ومصدر موثوق، حيث أصبح يقدم تغطيات معمّقة وتحليلات سياسية آنية تتفاعل مع المستجدات الجيوسياسية بمنهجية مهنية تنطلق من ثوابت الخط التحريري المقاوم. ولم يلبث اسم “المنار” أن تكرّس ضمن المواقع الإخبارية الأولى في لبنان، ليتوسع لاحقًا نحو جمهور واسع من العالم العربي والجاليات في المهجر. وبحسب ما أكده الزميل بدير، يحتل الموقع اليوم مراتب متقدمة بين أكثر المواقع الإخبارية زيارة في لبنان والعالم العربي، وفق تصنيفات متخصصة.

في قلب الميدان

وقد تجلّى الحضور النوعي لموقع المنار خلال المحطات المفصلية من المواجهة مع العدو الإسرائيلي، حيث برز كمنصة رئيسية في نقل الصورة الحقيقية للعدوان على لبنان عام 2006، متحديًا الرقابة الدولية والحصار الإعلامي الغربي، ومقدمًا تغطيات ميدانية حصرية من خطوط النار، أظهرت بشاعة المجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين، وخاصة في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع. وقد لعب الموقع، في تلك المرحلة، دورًا حيويًا في فضح الانحياز الإعلامي الدولي، حيث قام بتوثيق المجازر بالصوت والصورة، ونقل شهادات حية من السكان والجرحى والمسعفين، في وقت كانت فيه القنوات الغربية تسوّق روايات منقوصة أو منحازة.

وفي السياق نفسه، عاد الموقع ليتصدر الواجهة خلال معركتي “طوفان الأقصى” و”أولي البأس” بين عامي 2023 و2024، إذ شكّل نافذة أساسية لكسر التعتيم الإعلامي الذي فُرض على القضية الفلسطينية، فكان سبّاقًا في نشر مشاهد موثّقة من عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان والفلسطينية في غزة والضفة، واستهداف المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية. كما شكّل الموقع منصّة لتظهير المعاناة الإنسانية اليومية، من خلال تقارير مكتوبة ومرئية عكست صوت الناس، ونقلت صور الأطفال تحت الأنقاض، والمجاعات، وواقع التهجير القسري الذي فرضه الاحتلال.

ولم يقتصر دور الموقع على فلسطين ولبنان، بل توسّع حضوره ليشمل القضايا العربية والإسلامية، حيث تبنّى خطابًا إعلاميًا منحازًا بوضوح إلى قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فكانت منصاته تواكب أخبار الانتهاكات في القدس المحتلة، وتهويد المسجد الأقصى، وتغطية الاقتحامات الصهيونية.

وقد نجح الموقع، عبر هذا النهج التحريري، في بناء خطاب إعلامي مقاوم تجاوز الحدود الجغرافية والطائفية، متكئًا على رؤية متكاملة توحّد بين الموقف التحرري والواجب الإنساني والحق الأخلاقي في مواجهة الاحتلال والهيمنة. فكان المنار الرقمي صوتًا للميادين، وصدىً للثابتين على الأرض، ومنصة ترفض التزييف والخنوع، وتكرّس حضورها كرافعة إعلامية لقضايا التحرر والكرامة في هذا الشرق.

وما يؤكد فاعلية الموقع ودوره، أنه تحوّل إلى هدف مباشر للهجمات السيبرانية، التي حاولت تعطيله أو حجبه، في مؤشر واضح على خطورته في معركة الوعي وقدرته على اختراق الرواية المهيمنة. وقد تمكن الموقع من الصمود أمام تلك الهجمات، محافظًا على استمرارية بثه وتحديث محتواه بشكل متواصل.

الحرب السيبرانية والدفاع الرقمي

ومن اللافت أن هذا النجاح لم يمرّ بصمت، إذ تعرض الموقع خلال السنوات الماضية لعشرات الهجمات السيبرانية المعقّدة، خصوصًا في فترات التصعيد أو الحرب الإعلامية. غير أن خلف الكواليس، كان هناك دائمًا فريق تقني متأهب، كما يوضح الزميل وائل بدير، حيث عمد الفريق إلى عزل الخوادم وتوزيعها جغرافيًا، وإنشاء جدران حماية متقدمة (Firewalls)، وتطبيق أنظمة مراقبة دائمة على مدار الساعة.

وبالإضافة إلى ذلك، قام الفريق بتطوير أنظمة نسخ احتياطي وحماية إلكترونية عالية المستوى، لتأمين الموقع من أي اختراق أو تخريب، مؤكدًا أن هذه التحديات لم تُضعف عزيمتهم، بل زادتهم تصميمًا على الاستمرار والتطور.

وفي سياق مواكبة التحول الرقمي السريع، لم يكتفِ الفريق بالصيانة التقنية الدورية، بل انخرط في متابعة أحدث أدوات الإعلام الإلكتروني، فقام بإدخال أدوات تحسين محركات البحث (SEO) لتسريع الوصول إلى المحتوى، كما عزز تقنيات البث المباشر بجودة عالية وقدرة استيعابية كبيرة، وأتاح مشاهدة البرامج والنشرات بصيغة HD، فضلًا عن توفير نسخ محسّنة للأجهزة المحمولة، تضمن تجربة مستخدم سلسة ومتكاملة.

إلى جانب الناس

كما اتسم الموقع بعلاقة تفاعلية مميزة مع الجمهور. ولم يقتصر هذا التفاعل على البعد التقني فقط، بل شكّل عنصرًا جوهريًا في بناء علاقة ثقة متبادلة مع الجمهور، إذ حرص الموقع على نشر عدد كبير من المواد الواردة من المستخدمين (نجاحات)، خاصة في أوقات الأزمات والمواجهات، ما منحهم إحساسًا بالشراكة في صناعة الخبر.

ولعب هذا البُعد التشاركي دورًا في تحفيز الجمهور على المتابعة والتفاعل، إذ شعر المتابعون بأن صوتهم مسموع، وأن انخراطهم في النقاش ليس هامشيًا بل حيويًا، ما عزز من صورة الموقع كإعلام مقاوم لا يتحدث من برج عاجي، بل من قلب الناس ولأجلهم (الخط الساخن).

وإلى جانب ذلك، ساهمت هذه العلاقة التفاعلية في ترسيخ صورة “المنار” كإعلام قريب من الناس وهمومهم اليومية، حريص على إبراز معاناتهم وصوتهم، من خلال توظيف أدوات الإعلام الرقمي التشاركي، وتقديم منصة حقيقية للتعبير عن الرأي، ومواكبة نبض الشارع لحظة بلحظة (أغنياء).

وفي السنوات الأخيرة، جرى اعتماد أدوات تواصل حديثة، مثل استطلاعات الرأي والتغطيات الميدانية التفاعلية، ليصبح الموقع منصة إعلامية حيوية تواكب اللحظة وتنقل نبض الميدان من لبنان وفلسطين وسائر الجبهات.

وهكذا، يواصل موقع المنار أداءه كمنصة إعلامية متقدمة تدمج بين الخبر والتحليل والبث التفاعلي، ضمن نهج مهني يجمع بين الالتزام السياسي والمصداقية الصحفية. وتُعد هذه التجربة مثالًا رائدًا في الإعلام المقاوم الرقمي، القادر على اختراق الحصار الإعلامي وكسب ثقة الجمهور، بفضل وضوح خطابه التحريري وانحيازه الصريح لقضايا الأمة، مما يجعله ليس مجرد وسيلة إعلامية فحسب، بل جزءًا أصيلًا من معركة الوعي والسيادة الإعلامية.

مصدر الخبر
نشر الخبر اول مرة على موقع :www.almanar.com.lb
بتاريخ:2025-06-13 16:14:00
الكاتب:
ادارة الموقع لا تتبنى وجهة نظر الكاتب او الخبر المنشور بل يقع على عاتق الناشر الاصلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى